ما هو النظام المعلوماتي؟ رحلة إلى قلب الرقمنة
عن سلسلة «الرقمنة والمهن القضائية والقانونية»
تهدف هذه السلسلة إلى تبسيط مفاهيم الرقمنة وشرح آلياتها بلغة واضحة وأمثلة قريبة من الحياة اليومية، مع التركيز على كيفية إدماجها في المهن القضائية والقانونية.
ننطلق من قناعة أن التخوّف من الرقمنة سببه غالبًا نقص الفهم لطبيعتها وكيفية عملها. لذلك، نعرض في هذه البطاقات مكوّنات النظام المعلوماتي، وآليات تحويل المعلومات المادية (نصوص، صور، أصوات) إلى صيغ رقمية، وكيفية توظيف هذه التقنيات في خدمة العمل المهني.
هدفنا أن نمنح القارئ أساسًا معرفيًا يمكّنه من استيعاب الفوائد وتجاوز التردّد في الاستخدام
ما هو النظام المعلوماتي بالضبط؟
تخيل النظام المعلوماتي ليس كآلة واحدة ومعقدة، بل كـفريق منظم جيدًا، حيث لكل عضو دور محدد ويتعاون مع الآخرين لإنجاز مهمة معينة.
النظام المعلوماتي هو إذًا مجموعة من العناصر تتفاعل فيما بينها لمعالجة المعلومات بشكل آلي.
يمكن تصنيف هذه العناصر إلى عائلتين رئيسيتين:
- المكونات المادية (Hardware): وهي كل الأجزاء الفيزيائية التي يمكن لمسها. إنها “جسد” النظام.
- أمثلة بسيطة: الحاسوب نفسه (الوحدة المركزية أو الحاسوب المحمول)، الشاشة، لوحة المفاتيح، الفأرة، الطابعة، وأيضًا الهاتف الذكي، الجهاز اللوحي، صندوق الدفع الإلكتروني، الصراف الآلي، وغيرها.
- البرمجيات (Software): وهي البرامج والتعليمات والتطبيقات التي تخبر المكونات المادية بما يجب القيام به وكيفية القيام به. إنها “عقل” أو “ذكاء” النظام.
- أمثلة بسيطة: نظام التشغيل الذي يشغّل حاسوبك (مثل Windows أو macOS أو Linux)، متصفح الإنترنت (Chrome أو Firefox)، تطبيق معالجة النصوص (Word)، الألعاب، التطبيقات على الهاتف (WhatsApp، Instagram)، برنامج محاسبة، إلخ.
وفي قلب كل ذلك، توجد المعلومة (البيانات): إنها المادة الخام التي يقوم النظام بالتقاطها، ومعالجتها، وتخزينها، وتحويلها إلى شيء مفيد.
الدور العام للنظام المعلوماتي إذًا هو مساعدتنا على إدارة المعلومات بشكل أكثر كفاءة وسرعة، وتمكيننا من إنجاز مهام قد تكون صعبة جدًا أو مستحيلة يدويًا.
لماذا نحتاج إلى الأنظمة المعلوماتية؟ المهام الكبرى
تم تصميم الأنظمة المعلوماتية لأداء عدة مهام رئيسية غالبًا ما تكون متكاملة:
- التقاط المعلومات (الإدخال:
- تمكين المستخدم أو أنظمة أخرى من إدخال البيانات. مثل لوحة المفاتيح، الفأرة، الميكروفون، الماسح الضوئي، الشاشة اللمسية، أو مستشعرات (للحرارة، الحركة…)، كلها أدوات إدخال.
- تشبيه: مثل تقديم المكونات للطباخ.
- تخزين المعلومات (الذاكرة:
- حفظ البيانات والبرامج بشكل مؤقت (أثناء التشغيل) أو دائم (للاستخدام المستقبلي). مثل الأقراص الصلبة، أقراص SSD، مفاتيح USB، ذاكرة الوصول العشوائي (RAM).
- تشبيه: مثل مخزن الطعام والثلاجة للطباخ، وأيضًا كتاب الوصفات الخاص به.
- معالجة المعلومات :الحساب/المنطق:
- إجراء عمليات حسابية، مقارنات، اتخاذ قرارات منطقية، فرز، تنظيم، تحويل البيانات حسب تعليمات البرمجيات. المعالج (الذي يُعتبر “دماغ” الحاسوب) هو الفاعل الرئيسي هنا.
- تشبيه: مثل الطباخ الذي يخلط المكونات، ويطهوها، ويتبع الوصفة.
- إخراج المعلومات :الإخراج :
- تقديم نتائج المعالجة للمستخدم أو أنظمة أخرى بشكل يمكن فهمه أو استخدامه. مثل الشاشة، الطابعة، مكبرات الصوت، جهاز العرض (projector).
- تشبيه: مثل الطبق اللذيذ الذي يقدّمه الطباخ على المائدة.
- تبادل المعلومات (الشبكة:
- تبادل البيانات مع أنظمة معلوماتية أخرى، سواء قريبة أو بعيدة، عبر الشبكات (مثل الإنترنت أو شبكة محلية داخل شركة). مثل بطاقات الشبكة، Wi-Fi، المودم.
- تشبيه: مثل الطباخ الذي يشارك وصفته مع طباخ آخر عبر الهاتف، أو يطلب مكونات من مورد بعيد.
الهدف النهائي: التبسيط، التحسين، خلق القيمة
من خلال الجمع بين هذه المهام، يهدف النظام المعلوماتي إلى:
- أتمتة المهام المتكررة: لكسب الوقت وتقليل الأخطاء.
- تسريع العمليات: لإنجاز الأمور بسرعة أكبر.
- تحسين الدقة: لتقليل الأخطاء البشرية في الحسابات أو إدارة البيانات.
- تسهيل الوصول إلى المعلومات: للعثور بسرعة على ما نحتاجه.
- إتاحة إمكانيات جديدة: ابتكار خدمات ومنتجات وطرق عمل وتواصل لم تكن ممكنة من قبل.
وبالتالي، فالنظام المعلوماتي ليس كيانًا مرعبًا أو غامضًا، بل هو مجموعة أدوات مادية وبرمجية صُممت لخدمتنا، ولتعزيز قدرتنا على إدارة المعلومات وتحقيق أهدافنا. أما “رقمنة” مهنة ما، فهي غالبًا تعني دمج هذه الأدوات بشكل مدروس لتحسين طريقة أداء تلك المهنة.
في الأقسام القادمة، سنقوم بجرد أكثر تفصيلاً لأنواع العتاد والبرمجيات الشائعة، لنفهم بشكل أفضل “أعضاء هذا الفريق” المعلوماتي. نأمل أن تساعدكم هذه المقدمة على الرؤية بوضوح. لا تترددوا في طرح أسئلتكم قبل أن نبدأ في استكشاف مكونات النظام