Uncategorized

سفر عبر الذاكرة والموقف

[fusion_builder_container type= »flex » hundred_percent= »no » equal_height_columns= »no » hide_on_mobile= »small-visibility,medium-visibility,large-visibility » background_position= »center center » background_repeat= »no-repeat » fade= »no » background_parallax= »none » parallax_speed= »0.3″ video_aspect_ratio= »16:9″ video_loop= »yes » video_mute= »yes » border_style= »solid » margin_top= »0px »][fusion_builder_row][fusion_builder_column type= »1_1″ type= »1_1″ background_position= »left top » border_style= »solid » border_position= »all » spacing= »yes » background_repeat= »no-repeat » margin_top= »0px » margin_bottom= »0px » animation_speed= »0.3″ animation_direction= »left » hide_on_mobile= »small-visibility,medium-visibility,large-visibility » center_content= »no » last= »no » hover_type= »none » min_height= » » link= » »][fusion_text]

لم يكن هذا السفر مجرد مهمة عمل، بل كان تتويجًا لمسار طويل من التفاعل الوجداني والفكري مع قضية لم تفارقني منذ طفولتي: فلسطين. كنت في الثانية عشرة من عمري، حين هزمت الجيوش العربية في حرب حزيران سنة 1967. لا زلت أذكر تفاصيل تلك الهزيمة كما لو كانت بالأمس: تجمع حول عتبة دارنا مجموعة من أندادي وفتحت صوت الراديو على على أعلاه وهو يبث النشرات الحزينة، الأحاديث المتهالكة عن النصر القادم، ثم الانكسار المفاجئ… ذلك الانكسار لم يغادر وجداني قط.
مرت السنوات، وكبرت معي فلسطين. صارت حاضرة في شعاراتي كطالب، وفي مواقفي كإنسان، وفي صمتي كمواطن. لم تكن علاقتي بها شعارًا، بل التزامًا وجدانيًا أخلاقيًا لا يساوم.
في العام 2011، جاءتني فرصة غير متوقعة. كنت حينها أشتغل على رأس مديرية تكوين كتاب الضبط بوزارة العدل، وكانت لي علاقات متينة مع شركاء دوليين في إطار برامج التعاون، من ضمنهم منظمة هولندية محترمة تعنى بالشأن القانوني. أحد أطرها، وهو شاب تونسي خلوق لا تزال تربطني به صداقة صادقة حتى اليوم، كان مكلفا ببرناج تعاون مع مديريتي وذات يوم اقترح عليّ المشاركة في برنامج تدريب لكتاب القلم بالنيابة العامة الفلسطينية، تحديدًا لتقديم تكوين حول مبادئ أخلاقيات مهنة كتابة الضبط- وهو مجال كنت قد ساهمت في بلورته داخل المغرب بشراكة مع هيئة المحامين الأمريكيين.

وافقت فورًا. لم أتردد. لكن السؤال الكبير بقي معلقًا: هل فعلا يمكن ان يتحقق هذا الحلم ، وكيف سأدخل إلى أرض فلسطين، وهي لا تزال تحت الاحتلال؟ لم أكن أريد أن يُوسم جواز سفري بخاتم سلطة الاحتلال، ليس من باب الاستعراض، بل وفاء لموقف وجداني عميق.
تم الاتفاق، بعد نقاشات عديدة، على أن يكون الدخول عبر الأردن، من معبر جسر الملك الحسين. وهنا بدأت سلسلة من الإجراءات البيروقراطية المعقدة: تنسيق مع المنظمة الهولندية، موافقة من المعهد العالي للقضاء الذي كنت أشتغل فيه، ومراسلة رسمية من النائب العام للسلطة الفلسطينية تؤكد دعوتهم لي كخبير. كل ذلك أخذ شهورًا.

قبل السفر، حاولت زوجتي وابنتي بكل ما أوتيتا من حب وقلق أن تثنياني عن الرحيل. الحرب، القصف، الخوف… كلها كانت مبررات مشروعة. لكن داخلي كان قد حسم، لأنني شعرت أن هذه الرحلة ليست فقط مهنية، بل رحلة موقف.

انطلقت من المغرب إلى باريس، ومن هناك إلى عمان. لم يكن السفر عادياً، بل محملاً بأسئلة كثيرة: ماذا سيحدث عند المعبر وبداخل الضفة ومدنها؟ كيف سيتعامل معي الجنود؟ هل سأتمكن من الدخول؟ ماذا لو أعادوني من حيث أتيت؟ كل هذه الأفكار كانت تتناوبني وتؤثث ذهني بقلق مزيج من الحذر والحماس.
في عمان التي سب ان زرتها عدة مرات في إطار عملي، نزلت بفندق لا زلت أذكر هندسته المهيبة، فخم بطريقته الشرق أوسطية، لكن النوم جافاني تلك الليلة. في الصباح، التقيت بالدكتور حسين، وهو فلسطيني لطيف، كلّفته المنظمة الهولندية بمرافقتي طيلة المهمة داخل الضفة الغربية. حضر ومعه جواز المرور المؤشر من طرف السلطة الفلسطينية، وعليه تأشيرة سلطات الاحتلال. لم يكن الأمر سهلاً حتى بعد كل هذه الإجراءات، لكن الرحلة بدأت… وبدأ معها فصل جديد من حياتي يستحق أن يُروى بتفاصيله.
يتبع

[/fusion_text][/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]

Bouton retour en haut de la page